بقلم المهندس/ طارق بدراوى
محافظة الوادي الجديد هي أحد محافظات مصر والتي يبلغ عددها 27 محافظة وهي أكبرها من حيث المساحة والثالثة إفريقيا بعد محافظتي تمنراست وإدرار في جمهورية الجزائر وثانى أقل محافظة بعد جنوب سيناء من حيث تعداد السكان وتقع محافظة الوادي الجديد في الجنوب الغربي لمصر بالصحراء الغربية وعاصمتها هي مدينة الخارجة ويحدها من الشرق محافظات المنيا وأسيوط وسوهاج وقنا وأسوان ومن الغرب حدود مصر مع ليبيا ومن الشمال محافظات مطروح ومركز الواحات البحرية التابع لمحافظة الجيزة ومن الجنوب حدود مصر مع دولة شمال السودان وتبلـغ مسـاحـة المحـافظـة 440098 كـم2 بمـا يعـادل حوالي 44 % مـن المسـاحـة الكليـة لجمهـوريـة مصــر العربيـة وتمتاز محافظة الوادي الجديد بمناخ جاف صيفاً دافىء شتاءا والأمطار بها قليلة بل تكاد تكون نادرة وتتميز المحافظة بأعلى نسبة سطوع للشمس في العالم على مدار السنة والتي يمكن إستغلالها كمصدر للطاقة المتجددة كما تتمتـع محافظـة الوادي الجديـد بالبيئـة النظيفـة الخاليـة مـن كافـة أنواع التلوث البيئي بشتـى صـوره الأمــر الذي جعلهـا تنـفـرد عـن جميع محـافظـات مصر بهـذه الميزة ونظرا لأهمية البيئة في عملية التنمية السياحية فقد إهتمت القيادات التنفيذية والجمعيات الأهلية والشعبية بالمحافظة بتحقيق هدف تحقيق النظافة العامة من أجل خلق مجتمع صحي نظيف والمحافظة عليه وقاموا في سبيل ذلك أيضا بإضافة العديد من الحدائق والمتنزهات بالمدن والقرى بالمحافظة فضلا عن حظر المبيدات الزراعية في دائرة المحافظة للوصول إلي هذا الهدف وجدير بالذكر أيضا أن بمدينة الخارجة يوجد فرع لجامعة أسيوط يشمل عدد من الكليات الجامعية أهمها كلية الزراعة
وقد أشارت نتائج التعداد السكاني العام في عام 1996م إلي أن عدد السكان بالمحافظة كان قد بلغ حينذاك 141774 نسمة كما بلغ معدل النمو السكاني بها حوالي 2.3 % أما في نهاية عام 2013م فقد بلغ عدد السكان 234016 نسمة منهم عدد 105589 نسمة في الحضر بنسبة 50.4 % وعدد 104008 نسمة في الريف بنسبة 49.6 % من إجمالي تعداد سكان المحافظة وتبلغ الكثافة السكانية العامة في المحافظة 1 فرد لكل 2 كم2 وفى المساحة المأهولة تبلغ 174 نسمة لكل 1 كم 2 والمحافظة مقسمة إلي عدد 5 مراكز إدارية وهي مركز الخارجة وعدد سكانه 83223 نسمة ومركز باريس وعدد سكانه 12000 نسمة ومركز بلاط وعدد سكانه 14425 نسمة ومركز الداخلة وعدد سكانه 75356 نسمة ومركز الفرافرة وعدد سكانه 24593 نسمة كما تضم المحافظة عدد 46 وحده محلية قروية تتبعها عدد 173 ) قرية رئيسية وتابع ونلاحظ أن العدد الأكبر من سكان المحافظة يسكنون في عاصمتها الخارجة ومن حيث توافر المياه بالمحافظة فإنه يتم إستعمال المياه الجوفية المستخرجة من الآبار المنتشرة في أنحاء المحافظة إلى أن يتم الإنتهاء من حفر وتشغيل ترعة الشيخ زايد والتي من المفترض أن تمد المحافظة بإحتياجاتها من المياه مستقبلا
ويرجع أصل تسمية المحافظة بإسم الوادى الجديد إلى عام 1958م عندما أعلن الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر عن البدء في تنفيذ مشروع إنشاء واد مواز لوادي النيل يخترق الصحراء الغربية لتعميرها وزراعتها علي مياه العيون والآبار بهدف تخفيف التكدس السكاني في منطقة وادي النيل وكانت تسمي قبل ذلك محافظة الجنوب وفي يوم 3 أكتوبرعام 1959م وصلت أول قافلة لتعمير الصحراء وإستصلاح أراضيها إلي منطقة الوادي الجديد وتم إعتبار ذلك اليوم عيدا قوميا تحتفل به المحافظة كل عام وفي عام 1961م أنشئت محافظة الوادي الجديد ضمن التقسيم الإدارى لمحافظات الجمهورية الذى تم إعتماده بعد إنشاء وزارة الحكم المحلي وكانت تتكون وقتها من مركزين إداريين فقط هما مركز الخارجة ومركز الداخلة وفي عام 1992 في عهد وزارة الدكتور عاطف صدقي تحولت الفرافرة إلى مركز إداري ليصبح للمحافظة ثلاث مراكز إدارية أما الآن فقد تحول مركز باريس ومركز بلاط إلى مركزين إداريين أيضا وبالتالي أصبح بالمحافظة خمسة مراكز إدارية كما أسلفنا القول
وقد عرفت واحات مصر منذ أقدم العصور حيث أن واحة الخارجة كانت تسمي بالواحة العظمي حيث كانت تشغل منخفضا كبيرا في الصحراء وعاصمتها هيبس والتي إشتق إسمها من كلمة هبت ومعناها المحراث وكانت الواحات الداخلة تسمي كنمت وعاصمتها دس- دس أي إقطع- إقطع بمعني قطع الأرض وشقها لزراعتها وعرفت الفرافرة باسم تا- إحت أي أرض البقروقد عاش في المنطقة إنسان عصور ما قبل التاريخ منذ حوالي 5000 سنه ق.م وترك آثاره في ربوع الواحات في أماكن عديدة منها جبل الطير بالخارجة ودرب الغبارى بطريق الخارجة – الداخلة وفي العوينات جنوب الواحات وفي العصور الفرعونية كانت الواحات تمثل أهمية قصوى لكونها خط الدفاع الأول عن مصر القديمة لتعرضها لهجمات النوبيين من الجنوب والليبيين من الغرب وكان الفراعنة يهتمون بهدوء المنطقة وإستقرارها وتظهر آثارهم في عدة مناطق بالخارجة والداخلة وعندما غزا قمبيز ملك الفرس مصر عام 525 ق.م. وأهان معبودها الإلة آمون وإختفي وهلك جيشه المكون من 50000 مقاتل في بحر الرمال العظيم جاء خلفه إبنه وخليفته دارا الأول فحاول إرضاء المصريين حتى يرسخ ويثبت أركان حكمه ويرضى عنه كهنة الإله آمون فبدأ في ترميم وإصلاح بعض المعابد ومنها معبد هيبس ثم كان للبطالمة دورهم الكبير في إزدهار الزراعة بالواحات وإستغلالها إقتصاديا وتظهر آثارهم علي علي إمتداد الواحات بطريق باريس وعندما بدأ إضطهاد الرومان لأقباط مصروفد إلى الواحات كثير من الأقباط الفارين بدينهم وعقيدتهم وعاشوا فيها يزرعون الأراضي ويحصدون خيراتها وتعد جبانة البجوات بشمال الخارجة أبرز دليل وأكبر أثرموجود حتي الآن من هذا العهد وجاء بعد ذلك دور الرومان الذين إستغلوا الواحات فطهروا وحفروا القنوات وإستغلوها في الزراعات الكبيرة وإزدهرت التجارة علي طريق درب الأربعين الموصل بين مصر والسودان عبر الواحات وكان شريانا هاما للتجارة وتظهر معابدهم علي طول هذا الدرب وأهمها معبد الغويطة ومعبد الزيان ومعبد دوش ولذلك فإننا نجد أنه تنتشر في أنحاء الوادي الجديد العديد والكثير من المناطق الأثرية التي تمثل مختلف العصور التاريخية وتعتبر من المزارات الهامة ومنها في مدينة الخارجة جبانة البجوات ومعبد هيبس ومعبد الناضورة ومعبد الغويطة ومعبد الزيان ومعبد دوش ومعبد بربيعة ومعبد دير الحجر ومن أهم الآثار والمزارات في واحة الداخلة أيضا نجد آثار البشندى ومصاطب بلاط الفرعونية وآثار بلاط الإسلامية وقرية القصر الإسلامية ومقابر المزوقة وسوف نخصص الجزء الثاني من هذا البحث عن محافظة الوادى الجديد للحديث عن أهم تلك الآثار والمعالم التاريخية بالتفصيل بمشيئة الله تعالي …..
وتشتهر محافظة الوادى الجديد بزراعة النخيل والبلح وهما من أهم صادرات المحافظة ومن الزراعات المنتشرة أيضا في المحافظة نجد زراعة القمح والزيتون والفواكه مثل البرتقال والمشمش والمانجو والتفاح كما يهتم سكان المحافظة بتربية الأبقار والأغنام لتوفير إحتياجاتها من اللحوم والألبان ومنتجاتها كما توجد العديد من الصناعات التي تشتهر بها المحافظة وأهمها صناعة الخزف والفخار والأرابيسك والكليم والسجاد اليدوى والخضر والسلال وبعض الصناعات الغذائية التكميلية مثل تعبئة البلح وتغليفه وتكرير وتعبئة زيت الزيتون وهما من أهم الأنشطة في مجال الصناعة بالمحافظة بالإضافة إلي تعبئة السكر وتعبئة المياه المعدنية والجبنة البيضاء كما يوجد بالمحافظة بعض الصناعات التعدينية وأهمها مشروع فوسفات أبو طرطور اللازم لتصنيع أنواع عديدة من الأسمدة كما يدخل في العديد من الصناعات الكيماوية الهامة الأخرى
وبخصوص حركة النقل والسفر بالمحافظة فإنه يوجد بها مطاران يربطاها بالعالم الخارجي وهما مطار الخارجة ومطار الداخلة كما يوجد طريقان بريان فقط يربطان محافظة الوادى الجديد ببقية أنحاء الجمهورية أحدهما يتفرع من الطريق الصحراوي الغربي للصعيد عند أسيوط حتي مدينة الخارجة أولي مدن الوادى الجديد علي بعد 512 كيلومترا والثاني يمتد من طريق مدينة 6 أكتوبر- الواحات البحرية حتي مدينة الفرافرة علي بعد 550 كيلومترا ثم يمتد إلي مدينة الداخلة والطريقان حارة واحدة وبهما إنحدارات كثيرة فضلا عن الإنحناءات الخطيرة بهما حتي أنه في السنوات الأخيرة أصبح طريق الواحات البحرية يسمي طريق الموت لكثرة ما يحصده هذا الطريق سنويا من أرواح نتيجة الحوادث المروعة التي تحدث للمسافرين عليه ولذلك فإن أبناء محافظة الوادى الجديد يطالبون الحكومة بضرورة تنفيذ طريق الداخلة/منفلوط وأصبح هذا الأمر يمثل أحد المطالب الرئيسية لأبناء الوادى الجديد خاصة أبناء مدينة الداخلة حيث أن إنشاء طريق منفلوط/تنيدة الذي يربط الداخلة بأسيوط يعد بمثابة حلم يراود أبناء الداخلة منذ سنوات طويلة بل هو أكبر أحلامهم علي الإطلاق فالهدف منه ليس ربط مدينتين بل إعادة الحياة إلي 312 مشروعا إستثماريا بالمنطقة كادت أن تتوقف بسبب مشكلة نقل المنتجات وتسويقها فضلا عن أهمية الطريق في تسويق منتجات شرق العوينات التي تواجه صعوبة شديدة في نقلها إلي المحافظات الأخري وهذا بالطبع يضاعف من تكلفة الانتاج فهو إذن أصبح ضرورة إستراتيجية حيث سيوفر ملايين الجنيهات التي تنفق علي نقل البضائع والمنتجات ويوفر الجهد والوقت ويخفف أيضا من عناء السفر إلي أسيوط والقاهرة كما أنه سيسهل جذب الإستثمارات والمستثمرين للمنطقة خاصة في المجال الزراعي لوفرة المياه الجوفية وبالتالي توفير فرص العمل لأبناء المنطقة وخلق تجمعات عمرانية جديدة خارج حدود وادى النيل الضيق والمكتظ بالسكان